الخميس، 1 أغسطس 2013

سليمان: سلاح المقاومة تخطى الحدود وحان الوقت لتكون الدولة الناظمة له

سليمان: سلاح المقاومة تخطى الحدود وحان الوقت لتكون الدولة الناظمة له


شدّد رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان على وجوب درس الاستراتيجية الوطنية للدفاع وإقرارها "في ضوء تطورات المنطقة والتعديل الطارئ على الوظيفة الأساسية لسلاح المقاومة الذي تخطّى الحدود اللبنانية" وذلك استنادا إلى التصور الذي كان قد وضعه في هذا الصدد أمام الشعب وهيئة الحوار الوطني التي اعتبرته منطلقا للنقاش وأشار إليه الأمين العام للأمم المتحدة في تقاريره الأخيرة إلى مجلس الأمن.
وفي كلمة له ألقاها في الاحتفال بعيد الجيش في ثكنة شكري غانم في الفياضية، أكّد سليمان تمييزه الواضح والدقيق والمستمر بين المقاومة والارهاب، وقال: "لتحصين مقدرتنا على المقاومة والدفاع حصرا عن لبنان فقد حان الوقت لتكون الدولة بجيشها وقيادته السياسية العليا الناظم الأساسي والمقرّر لاستعمال هذه المقدرة".
وأعلن سليمان أنه، ومن أجل حماية المؤسسات من الانحلال والتلاشي ومنع النظام الديمقراطي من التآكل والتقهقر وتحصينا للجيش والأمن والاقتصاد، لن يقبع في دوامة الانتظار طويلا قبل الشروع في تأليف حكومة الوزن الوطني والمصلحة الوطنية لا حكومة الحصص والتوازنات السياسية، حكومة تحظى بثقة الرأي العام وتنال ثقة المجلس النيابي وتعمل على جبه التحديات الأمنية والاقتصادية التي يواجهها لبنان ومنها المشكلة الناتجة عن التزايد غير المسبوق لأعداد اللاجئين السوريين والفلسطينيين الوافدين من سوريا.
ولفت سليمان إلى أنّ قسمه وواجبه الدستوري يحتّمان تلافي الوصول إلى الاستحقاقات المقبلة وذروتها انتخابات رئاسة الجمهورية من دون حكومة فاعلة تتمثل فيها جميع القوى الحيّة في المجتمع والفاعلة في السياسة "وإذا تعذّر فلا بدّ من حكومة حيادية ترعى جميع الفئات وكافة الشؤون وذلك وفق الأصول والمسؤوليات الدستورية الملقاة على عاتق رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة فلا تعطيل من الداخل ولا تخويف أو هيمنة ولا تدخل من الخارج".
وإذ رأى أنّ مهل الاستشارات والبحث والتواصل والاتصالات وتحليل المعطيات على وشك النفاذ والاستنفاذ، قال: "علينا المبادرة وكسر حال انتظار تبدل موازين القوى الداخلية والخارجية أو محاولة الاستنجاد بالخارج من أجل بناء سلطة وطنية وتكوينها"، وأكد أنه، وحتى حلول موعد الاستحقاق الرئاسي المقبل سيثابر على دوام الالتزام بقسم المحافظة على لبنان كما عرفه وتسلمه بحدوده وأرضه وشعبه ونظامه ودولته.
وفيما لفت سليمان إلى أنّ معالجة العنف الكامن في المجتمعات تتمّ من خلال الآليات السلمية الديمقراطية، اعتبر أنّ هذا الأمر يتم حصرا عبر انتخابات نيابية ضرورية في أقرب وقت متاح ليس لتجديد الطبقة السياسية وإعادة تحديد أحجام القوى وأوزانها واتجاهاتها فحسب بل للاستفتاء حول الخيارات الكبرى التي تحتاج إلى مراجعة بفعل التحوّلات العاصفة في المنطقة "إذ لم يعد مألوفا ولا مقبولا أن يصادر أحد قرار الشعوب والارادة الوطنية الجامعة باسم الظروف الاستثنائية فهذه الظروف نفسها تفرض اعتماد الديمقراطية سبيلا للتغيير والتطوير وليس سبيلا للتشريع لمنع تداول السلطة وضمانا للحؤول دون إحداث فراغ وأزمات يستخدمها الأقوى للهيمنة وحسم خياراته في الشارع". وإذ اعتبر أنّ الديمقراطية هي في أبسط تجلياتها اعتراف بالآخر المختلف، رأى أنه "ليس مفهوما استعمال حق النقض المتبادل بين المكوّنات اللبنانية في المواضيع الجوهرية والمواضيع الخاصة بالادارة العامة للبلاد على السواء وممارسة لعبة المقاطعة والشروط والالغاء والاقصاء المتبادل في المؤسسات الدستورية والقانونية والادارية".
ولفت سليمان إلى أنه وكما للمواطن حقوق على الدولة والجيش في الأمن والأمان والحماية فإن للجيش حقوقا على الشعب والدولة، فهو إلى جانب التجهيز والتسليح والدعم المادي والمعنوي يحتاج إلى بيئة وطنية نقية وإلى دولة حاضنة راعية، وشدّد على أنّ الجيش ليس جسما مجرّدا منفصلا يعمل مستقلا عن الدولة والشعب بل هو منهما ولهما ينشد الغطاء السياسي الرسمي بالقرار والشعبي بالتأييد والمؤازرة، ولكنه في الوقت نفسه ليس بحاجة إلى رعاية تبلغ حدّ الارتهان ولا إلى احتضان يبلغ حدّ الاستئثار والتقييد.
وأشار سليمان إلى أنّ مهمة الجيش تصعب إذا ترك وحيدا ومكشوفا على الخط الأمامي في السياسة والميدان ينوب في القرار والتنفيذ عن أهل السلطة والسياسة المعطلة قدرتهم غالبا على ايجاد الحلول قبل استفحال الأزمات والسباقين أحيانا إلى فتح دفاتر التشكيك والاتهام بعد إنجاز المهمات، وأكد أنّ الجيش خط دفاع عن الدولة والمواطنين والنظام العام والسلم الأهلي لكنه لا يستطيع أن يملأ الفراغ الحكومي والسياسي ولم يأخذ يوما على عاتقه أن يحل بوسائل عسكرية مجرّدة أزمة وطنية أو يعالج انقساما طائفيا ومذهبيا أو وضعا متفجرا على خلفية انعكاس لنزاع خارجي انخرط فيه بعض اللبنانيين خلافا للعقد الاجتماعي الذي يرتبطون به ولمندرجات إعلان بعبدا.
وشدّد رئيس الجمهورية على عدم جواز نقل الجيش من موقع الدفاع عن المواطن إلى موقع الدفاع عن نفسه خصوصا في حالات الاعتداء عليه والغدر بضباطه وجنوده، وكذلك على عدم جواز تحميل الجيش خطايا غيره الجسيمة ثم محاسبته على أخطائه القليلة المتلازمة في غالبية الأحيان مع دقة الأوضاع وحساسيتها وتداخل المكوّنات والعوامل المشكّلة لها فليس بالاضاءة على الأخطاء نمحو خطايا السياسة، وشدّد أيضا على عدم جواز موازنة الأخطاء التي تخضع لآلية محاسبة محدّدة بالدور الوطني الكبير الذي يقع على عاتق الجيش في حماية السيادة ومواجهة العدوانية الاسرائيلية وحفظ الأمن ومحاربة الارهاب فالمطلوب في هذه الظروف الدقيقة حملة مع الجيش لا حملة عليه.
ورأى أنّ مهمة الجيش تتعثر أيضا إذا استمرّت استحالة قمع كل تعرض او تعدّ عليه وعلى المواطن خشية المساس بكرامة أو كيان جزء من جماعة أو طائفة بعينها، كما تصعب مهمة الجيش إذا تورّط فريق أو أكثر من اللبنانيين في صراعات خارج الحدود ما يؤدي إلى استيراد أزمات الخارج إلى الداخل فيتحوّل الوطن إلى ساحة مكشوفة لحرب بالوكالة تنوب تحت ثقلها وأعبائها جيوش الدول الكبرى. ورأى أنّ مهمة الجيش تصعب لا بل تستحيل إذا استمرّت ازدواجية السلاح الشرعي وغير الشرعي، متسائلا كيف يمكن تأدية الجيش مهامه إذا حصل تردد او تأخير في تحديد القيادة والإمرة ومحضها الثقة اللازمة أو إذا استمرّ الفراغ الحكومي بعرقلة التأليف والفراغ التشريعي بالمقاطعة والتعطيل، لافتا إلى أنه لذلك عمد إلى تأمين استمرارية القيادة وفقا للمادة 55 من قانون الدفاع في انتظار قيام المجلس النيابي ومجلس الوزراء بدورهما على هذا الصعيد.
من جهة ثانية، أنه سليمان أنه سيسعى لتكريس المبادئ والثوابت والمواقف التي التزم والتي ستشكل أساسا ومنطلقا لأيّ عهد مقبل على صعيد صون السيادة والدستور والقانون والحياد في السياسة الخارجية والتزام السياسة الداخلية مصلحة الوطن فقط وإلغاء المحاصصة في الشؤون الوطنية والادارية، وقال: "في موازاة ذلك وبعدما نجح لبنان في تحرير معظم أراضيه من الاحتلال الاسرائيلي بتضافر مجمل قدراته الوطنية المقاومة والرادعة لن ننسى متابعة تنفيذ برنامج تسليح الجيش وتجهيزه الذي أقرّته الحكومة كي تكتمل جهوزيته وقدرته ما يتيح له الامساك حصريا بمستلزمات الدفاع عن سيادة لبنان وحدوده البرية والجوية والبحرية وتأمين ثرواته الغازية والنفطية الواعدة بالاضافة إلى استكمال تنفيذ بنود القرار 1701 بمساعدة مشكورة من قوات اليونيفيل التي يحرص لبنان عليها وعلى المهمة الموكولة إليها من قبل المجتمع الدولي بناء على طلب الحكومة اللبنانية".
وشدّد سليمان على أنّ الزمن الذي كان الجيش فيه ممنوعا من الدفاع عن لبنان والدولة التي كانت ممنوعة من الدفاع عن الجيش قد ولّى، موضحا أنّ الجيش لن يكون أبدا قوة فصل بين جيوش لبنانية صغيرة أو ميليشيات أو جماعات مسلحة بحجة الدفاع عن قضية فئوية أو طائفية أو حي أو منطقة، مشيرا إلى أنه الممثل الشرعي للوطنية اللبنانية والمجسد الدائم لوحدة لبنان واللبنانيين، وأضاف: "لقد كان الجيش وسيبقى رمزا لكل انتقال من الحاضر الذي يقيّد بالقلق والخوف إلى المستقبل الذي يحرّر بالعزم والأمل".
وإذ وجّه تحية في عيد الجيش إلى كافة شهداء الوطن وإلى شهداء الجيش الذين تنافسوا في بذل دمائهم على كامل مساحة الوطن وكل ساحات الدفاع عن لبنان في وجه العدوان وموجات التطرف والارهاب كما فعل بالأمس الجندي شربل حاتم واعتزّ أهلهم بشهادتهم ورفاقهم بتسمية دوراتهم على اسمهم أيقونات للتضحية، خلص إلى أنّ الشهادة الحقيقية هي فقط في سبيل الوطن والدفاع عن وحدته وأرضه وعزته وما يريده الشعب اللبناني هو التضحية من أجل لبنان وما لا يريده هو أن تروي دماء أبنائه ترابا غير تراب الوطن المقدّس.

0 التعليقات:

إرسال تعليق