الاثنين، 19 أغسطس 2013

ما بين الساحل السوري وضاحية بيروت الجنوبية يقلم الكاتب السياسي رأفت حرب

ما بين الساحل السوري وضاحية بيروت الجنوبية

  أهم حدثين حصلا ما بين لبنان وسوريا، هما هجوم ما يُسمى بالجيش الحر والقاعدة على بعض قرى الساحل السوري، وما حصل في الضاحية من تفجير تسبب بمجزرة في منطقة الرويس.
الهجوم على بعض قرى ريف اللاذقية، كان أمراً مزعجاً للسوريين وللقيادة السورية بسبب حساسية وضع المنطقة المستهدفة، لكن ومع فظاعة المجازر والإجرام الذي حصل فيها، لم تتعدى نتائج الهجوم ذلك الإزعاج والقلق، بسبب القدرة السريعة على استرداد ما فُقد بسرعة، بسبب تضافر عدة عوامل أهمها سرعة قرار الحسم، عدم وجود بيئة حاضنة للمسلحين، التباعد الجغرافي بين البلدات في المنطقة وسيطرة الجيش على المرتفعات الاستراتيجية فيها.

أمّا انفجار الضاحية، فكان صدمة للّبنانيين والسوريين على حد سواء، وغيّر المشهد اللبناني، لينسحب الموضوع على كل التصريحات والتحليلات للمرحلة اللبنانية القادمة، التي لا ريب أنها لن تكون كمرحلة ما قبل اعتداء الرويس.

لكن في الأمرين شيء مشترك، في الظاهر يبدو الأمر هجوماً قوياً أو ربما واثقاً، لكن في المضمون، ليس الأمر إلا إفلاساً وإسرافاً في الجهد والقدرات في المكان الخاطئ.

في سوريا، من لم يفلح في إبقاء السيطرة على بابا عمرو وحي الخالدية والقصير وكل ريفها وريف دمشق، مع كل ما تمثله هذه المناطق من ضرورة استراتيجية، ومع كل ما تؤمنه أيضاً من سهولة كبيرة أكثر من باقي المناطق في العمل العسكري، فهل من الممكن أنه سيُفلح في السيطرة على الساحل السوري، حيث لا وجود لأي بيئة حاضنة للإرهابيين، ولا قدرة حقيقية تستطيع أن تصمد أمام العمل الساحق للجيش العربي السوري؟؟

بعد مضي أسابيع وانتهاء فترة الحماس العصبي، استطاع المسلحون أن يدخلوا إلى بعض قرى ريف اللاذقية، واتضح لاحقاً أنّ ما جرى ليس إلا انتحاراً، أو يأساً، بعدما انعدمت الفرص أمام الإرهابيين في السيطرة على مناطق أكثر سهولة، فقرروا للذهاب إلى المكان الأصعب، دون أي تفكّر ذكي ولا إدراك لحقيقة الأمور.

أمّا في الضاحية، وبعد كل الألم الذي أحدثه حزب الله للحاقدين عليه والمهددين إياه ولجمهوره بالاستئصال منذ الأيام الأولى للأزمة السورية، قرر هؤلاء ومن يشغلهم من أجهزة استخبارات دولية وخليجية معروفة، أن يضربوا حزب الله في عقر داره. ولكن هذه الضربات يعلمون ويعلم الجميع، أنّها لن تؤثر في القدرة العسكرية لحزب الله، ولا في قراره السياسي، ولا في خيار جمهوره في أشد المناطق احتضانا للحزب.

ما يحصل هو غضب اليأس ليس إلا، وهذا لا يعني أبداً أنّ هذا الغضب لن يطول أو سيتبدد سريعاً، ربما تستمر هذه المعركة أشهر، ولكن مضمون ما حصل هو ما ذكرناه.
اليوم يشن أعداء لبنان وسوريا حرباً على الحلف المقاوم في هذين البلدين في أشد المناطق صلابة وقدرة على الصمود والتحدي حتى النهاية، ولن تكون نتيجة هذا النوع من التحدي أفضل مما حصل في المناطق الأكثر رخاوة، التي أثبتت هي أيضاً بنفسها، أنّها عصية على البقاء خارج إرادة المقاومين.

الهجومان بلا شك يشيران إلى قرار أعداء محور المقاومة بنقل المواجهة إلى الناحية الأصلب في جسد هذا المحور، وهذا التزامن يؤكد شدة اليأس والخطوة الأخيرة التي لا أظنّ أنّ هناك من يملك الكثير من الأوراق غيرها.

0 التعليقات:

إرسال تعليق