الثلاثاء، 20 أغسطس 2013

حياة عوالي بعيداً عن الشاشة المقابلة التي أجراها موقع slab nwes


حياة عوالي بعيداً عن الشاشة
 
مفاجئ كان طرحنا للموضوع على الحاجة حياة، فالمتحدثة بإسم اهالي مخطوفي اعزاز والتي شكلت اطلالاتها الإعلامية حديث الشارع اللبناني، لا تمتلك تلك الصرامة وذاك الحزم حين تتحدث عن نفسها. تنهي الحاجة حياة الادلاء ببعض المواقف للإعلاميين المتواجدين، ونجلس سوياً على حافة قرب مكتب حملة بدر الكبرى في بئر العبد بالضاحية الجنوبية لبيروت، اطرح الموضوع عليها، تتفاجأ وتسأل «موضوعك مش عن المخطوفين»، اجيبها «انتي موضوعنا اليوم حجة»، فيظهرُ جوابي إحمراراً إستجد على وجهها، تبتسم .. ويبدأ حديثنا.
انها الحاجة حياة حسن عوالي، مواليد 17- 6 – 1974/ حارة حريك، جنوبية الاصل، من بلدة تولين قضاء مرجعيون، وهي شريكة المخطوف الحاج عباس شعيب في ادارة حملة بدر الكبرى، عكس ما يتم تداوله عن أنها زوجته. "انا مواطنة عادية"، هكذا بدأت ابنة الجنوب الحديث عن نفسها، "طبيعة عملي في الحملة و مواكبتي لرحلات الحج والزيارة، جعلتني على تماس مباشر مع الناس، و اتاحت لي الفرصة بأن اتعرف عليهم أكثر، الى حد بت أميزهم و اعرف ما يختلج نفوسهم من النظرة الاولى." بدأت شراكة الحاجة حياة والحاج عباس شعيب منذ العام 2000 مع اطلاق حملة بدر الكبرى، ومنذ العام 2000 حتى العام 2011، كانت حياة الحاجة طبيعية على كافة الصعد، الاجتماعية و العملية، وفي مسؤولياتها بادارة الحملة.

مسؤولية لم تتنصل منها الحاجة حياة عندما وقعت عملية الخطف، فلدى سؤالي لها عن السر الكامن خلف شخصية حياة «القوية»، ومتابعتها المستمرة للقضية دون اي تململ او تقصير، تؤكد الحاجة ان الحس بالمسؤولية الذي كانت تتحلى به اثناء رعايتها لشؤون الحملة واهتمامها بالناس المشاركين فيها، انتقل معها، الامر الذي جعلها تواجه الحدث بقوة في لحظة الخطف وتتبناه قضية لها.

تروي الحاجة حياة حادثة حصلت معها اثناء عملية الخطف، استشعرت منها بداية امتلاكها لتلك القوة والهمة في الدفاع عن المخطوفين والتحدث بإسمهم، «عندما تم توقيفنا واحتجازنا، لم اشعر بالخوف أبداً، ولم ينتابني ولو للحظة اي شعور بالتوتر، بل على العكس، شعرت بقوة و ثبات جعلني اقف في وجه مسلح يصوب بندقيته الى صدورنا، حين قال انتم جماعة حسن نصرالله، فاجيبه بيقولوا السيد حسن نصرالله، السيادة مش من بيت بيّك».

وعن الحزم والجدية الصارمة في مواقفها تجيب «سبب القوة من الله اولاً، من حسي بالمسؤولية تجاه هؤلاء الناس الذين فقدوا احبتهم و اهلهم، واللذين يخضعون يومياً للإبتزاز السياسي، فبعد ان دخلت القضية في المجاذبات السياسية والاستغلال، بدأت تفقد لونها الانساني وتصتبغ بوحول المعمعة السياسية في البلد، بين موالي ومعارض وجدنا أنفسنا لوحدنا، فأخترت الوقوف بجانب الاهالي والدفاع عنهم كي لا تضيع قضيتهم.»

في الوقت الذي تظهر فيه الحاجة عبر الشاشات تهدد وتتوعد، ترفع السقف وتربك في مواقفها الاعلاميين والسياسيين، تؤكد كواليس اللقاءات والمشاورات التي تجري بين الاهالي أن حياة وفي كثير من الاوقات، تقوم بتهدئة النفوس وتنهى عن العنف في التحركات، فهي من المعارضين لإغلاق طريق المطار مثلاً. " انا ضد فكرة قطع الطرقات وخاصة طريق المطار، هيدي الطرقات عم تستعملها الناس، ونحنا من الناس، على مين منسكر؟ على حالنا؟ بس للأسف وصلنا لمرحلة بهالبلد ما بيوصل صوتنا اذا ما اعتمدنا هيك اساليب، للأسف صارت الدعوات لقطع الطرقات اكثر منطقية من الدعوات للهدوء لانو هيك بلد وهيك دولة ما بتتحرك الا مع هيك اساليب"، تقول الحاجة حياة بغضب. أما اللافت في الامر ان الحاجة التي خرجت على الاعلام تدعوا لخطف الاتراك في شوارع بيروت، هي في الاصل ضد فكرة الخطف، " انا ضد ظلم الابرياء، و بي حياتي مع كنت مؤيدة للخطف، و لكن طريقة تعامل الدولة التركية مع القضية، جعلتني مؤيدة للخطف ان كان السبيل الوحيد للإفراج عن اهلنا، و سابقة خطف الاتراك التي ادت الى الافراج عن 2 من المخطوفين اكدت هذا الامر."

الحاجة حياة تشكل اليوم الملجأ الوحيد لأهالي المخطوفين، فقد اجمع النسوة على انها مقصدهم حين يحتاجون الى من يتكلمون معه، ومن يشكون اليه. تهتم الحاجة بأدق التفاصيل اليومية للأهالي لتعوض لهم ما أمكن عن فقدانهم ذويهم و تلكؤ دولتهم، في وقت هي ايضا تحتاج الى من ينظر نحوها بعين الاهتمام، حملة بدر الكبرى التي تشكل مصدر رزق وعيش للحجة حياة، هي اليوم بحكم المتوقفة عن العمل، فمنذ الحادثة و الحاجة لم تعود الى عملها، "ما عم بقدر اترك القضية و سافر مع الحملة او تابعها، انا اليوم عم كون ملجأ للأهالي وما عم بقدر اتركون، حاولت سافر، ولكن كان عقلي وقلبي هون معهم دايماً."

اسألها عن تجربتها السياسية التي جعلت منها متحدثاً قوياً، مواكباً لأدق التفاصيل والتطورات، فتجيب " لولا غياب السياسيين عن قضيتنا: ما كنت حكيت سياسة"، مؤكدة انها لا تنتمي لأي جهة سياسية وان كانت محسوبة على المقاومة الا انها غير منتسبة لحزب الله، "هذا شرف لا ادعيه" تستطرد، وتضيف «ان معظم اللبنانيين يتحدثون السياسة والكل مصطف ويتبنى مواقف، اما الفرق فهو ان القضية قدمت لها منبراً تطلق منه مواقفها، التي تشكل حصاد وقت طويل من المتابعة، " انا من النوع يلي ما بتابع مسلسلات، من زمان بتابع سياسة مقابلات و تحليلات، بالإضافة لاني خلقت بـحارة حريك و ربيت بـجو المقاومة وعشت على هالنهج، لذلك أبقى دائما على اتصال بالاحداث والتطورات."

ختاماً أسألها عن تحولها اليوم إلى متهمة ومطلوبة بمذكرة توقيف، تبتسم وتجيب، «انا كنت متوقعة هالشي من لما صار يتم تداول اسمي بإني عم هدد امن البلد وسلامة الاجانب بالبلد، وشعرت بوجود فبركة ما تمهيداً لإتهامي، ان كانت المحاسبة قائمة على كلمة قلتها امام الاعلام ودعيت فيها للخطف من بعد العملية فأنا مستعدة لتحمل المسؤولية، أما ان كانت المحاسبة على امر لم اقم به، فأنا أبشرهم انو انا ما بسكت عن حقي وما حدا بيقدر يحاسبني ظلم». ولدى سؤالي لها ممازحاً عن علاقتها بالسلاح كان للحاجة موقف اكثر جدية، «ان اقتضى الامر فأنا جاهزة لإستخدام السلاح للدفاع عن الحق والقضية المحقة، ولكننا لسنا وحيدين، عنا رجال حقها غالي وعند اللزوم مش بحاجة لبنات تحمل سلاح.» ضحكت الحاجة حياة عندما اطلعتها على ما يتم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي وهزت رأسها مؤكدة علمها بما يتم الحديث عنه، رغم أنها لا تملك حساباً خاصاً بها.

الدقائق التي أمضيتها مع الحاجة حياة كانت كافية لرؤية الوجه الآخر لها، تلك الانسانة المسؤولة المضحية والشجاعة، التي رفضت ان تتخلى كغيرها عن مسؤولياتها، واصرت على تكريس نفسها ووقتها للنضال من أجل المظلومين، رغم غياب المعين والداعمين، دقائق قليلة انتهت وقامت الحاجة حياة، رمت خلفها كل ما تحدثنا فيه عنها، ثم عادت لمواجهة الكاميرات ومن خلفها جهات وسياسيين ودول.. بالكلمة.
»  حسين طليس

0 التعليقات:

إرسال تعليق