الأربعاء، 4 سبتمبر 2013

سمير شحادة الحاكم العسكري لسرايا صيدا - كتبت آمال خليل في جريدة ألأخبار

سمير شحادة الحاكم العسكري لسرايا صيدا


شحادة طلب تولي منصبه الجديد وأبلغ ضباطه بأنه أتى لضرب سرايا المقاومة (هيثم الموسوي)
كادت أن تقع الواقعة بين قائد منطقة الجنوب الإقليمية في قوى الأمن الداخلي العقيد سمير شحادة، ورئيس مكتب استخبارات الجيش في صيدا. انكشفت بعض خيوط هدف تيار المستقبل من تعيين رئيس فرع المعلومات الأسبق قائداً للأمن الداخلي في الجنوب بعد أحداث عبرا. يريد شحادة الوقوف في وجه الجيش واستخباراته، لكنه تراجع بقرار من وزير الداخلية بعدما وصلت الأمور إلى حدّ الصدام. فهل تتكرر المنازلة؟
آمال خليل
بعد يومين، يُتمّ العقيد سمير شحادة شهره الأول في سرايا صيدا كقائد لمنطقة الجنوب الإقليمية في قوى الأمن الداخلي. ولم يكد كثيرون في صيدا والجنوب يلتقطون أنفاسهم بعد سماعهم خبر تعيينه المفاجئ، وغرقهم في تحليل نيات تيار المستقبل من تزكيته لتولي هذا المنصب، حتى عاجلهم شحادة بأداء مثير للاستفزاز. خطوة شحادة الأولى بعد توليه منصبه، كانت زيارة النائبة بهية الحريري في مجدليون، ثم الرئيس فؤاد السنيورة في مكتبه في الهلالية، علماً بأنّ شحادة فُصل لتولّي مهمته الجديدة من دون التشاور مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أو وزير الداخلية كما يسري العرف المتبّع في حال فَصل أحد الضباط لقيادة منطقة. وفيما لم ينقطع منذ ذلك الحين عن مجدليون التي يقصدها بنحو شبه يومي، زار شحادة فعاليات المدينة البارزة على نحو تدريجي، بدءاً بالنائب السابق أسامة سعد، الشيخ ماهر حمود، رئيس البلدية السابق عبد الرحمن البزري، إلى الجماعة الإسلامية. وحتى الآن، يتناسى شحادة، ربما، أنه قائد لدرك «كل الجنوب» ويتصرف على أنه مسؤول عن صيدا وحدها؛ إذ لم يقم بزيارات مماثلة لفعاليات الجنوب أو تفقدية لمراكز الأمن الداخلي الواقعة تحت إمرته في محافظتي الجنوب والنبطية ولا لقادة الجيش واستخباراته في المنطقة. ووضع لنفسه هدفاً واضحاً: مواجهة حزب الله، والبداية، من «الفرعنة» على استخبارات الجيش.
استحدث شحادة إجراءات أمنية مشددة في محيط ومداخل سرايا صيدا كلها، وليس فقط المدخل الذي يستخدمه، بل أيضاً المدخل المؤدي إلى دوائر الأمن العام والنفوس والمنطقة التربوية، والذي يستخدمه عشرات المواطنين يومياً لتخليص معاملاتهم. ومنذ ذلك الحين، يتعرّض المواطنون للتفتيش الدقيق من قبل الحراس الجدد، الذين عزز عديدهم على المداخل، حتى إنه نقل العناصر الإناث اللواتي يتابعن أعمالاً إدارية داخل المكاتب التابعة لقوى الأمن الداخلي (كاتبات على سبيل المثال) وكلفهن الوقوف على المداخل لتفتيش النساء الداخلات. واستعان أيضاً بكاميرات المراقبة والكلاب البوليسية التي تسبق وصوله يومياً إلى السرايا. ومنع شحادة دخول سيارات المواطنين والموظفين إلى حرم السرايا من أي مدخل. وفي إحدى المرات، رفض أحد الموظفين في مكتب وزارة المال الامتثال للأوامر المستجدة، لأنه يدخل يومياً إلى عمله منذ سنوات طويلة، فما كان من الحراس إلا أن أوسعوه ضرباً وأحالوه على مخفر صيدا القديمة بتهمة الاعتداء على القوى الأمنية، لكن حملة التضامن مع الموظف الرسمي أدت إلى إطلاقه بعد ساعات.
وإذا كان شحادة يتخذ كل تلك الإجراءات يومياً داخل السرايا العالية الأسوار المسيجة بالأسلاك الشائكة، فما تراه يفعل إن قرر التحرك خارجها؟
قبل أيام، سادت حال من الذعر بين الصيداويين عندما لاحظوا انتشاراً كثيفاً لعناصر قوى الأمن الداخلي من السرايا حتى الأوتوستراد الشرقي، بالإضافة إلى دوريات مستمرة وتجوال للكلاب البوليسية. ظنوا أنه عُثر على سيارة مفخخة أو متفجرة، ليتبين لاحقاً أن شحادة سينتقل من مكتبه إلى مقر الجماعة الإسلامية في زيارة تعارف.
لم تمرّ الإجراءات على خير؛ إذ أثارت انتقادات واسعة داخل الجهات الرسمية في المدينة، ووصل الأمر إلى وقوع خلاف بين شحادة ومحافظ الجنوب بالوكالة نقولا أبو ضاهر؛ إذ اعترض الأخير على تصرف شحادة في السرايا، كأن لا أحد يداوم هناك سواه، ولا سيما أن المحافظ هو صاحب السلطة العليا في السرايا.
وإذا كان أبو ضاهر قد اكتفى بالاعتراض، فإن مخابرات الجيش كان لها تصرف آخر. فحراس السرايا الجدد الذين زرعهم شحادة حديثاً، صاروا يتصرفون كما لو أن مهمتهم الاولى هي مراقبة استخبارات الجيش في صيدا وتحديد زوارها وجمع معلومات عنهم. وصلت الأمور إلى ذروتها صباح الاثنين الفائت، إذ منع حراس المدخل الشيخ صهيب حبلي من الدخول بسيارته إلى داخل حرم السرايا، لزيارة مكتب مسؤول مخابرات صيدا العقيد ممدوح صعب. واحتج العناصر على وجود سلاح داخل السيارة، رغم أن هذا السلاح مرخص. وبعد تكرار تضييق رجال الدرك على زوار مخابرات الجيش وعناصرها، أمر مسؤول فرع مخابرات الجيش في الجنوب العميد علي شحرور صباح أمس عناصره بنصب حاجزٍ أمام مدخل السرايا بهدف تفتيش الداخلين إلى مكتب شحادة نفسه. وبعد أن علم شحادة بالأمر، التزم منزله ورفض دخول مكتبه عبر حاجز المخابرات، وأجرى اتصالات عدة مع مرجعياته السياسية، وكذلك وزير الداخلية مروان شربل الذي اتصل بدوره بقائد الجيش جان قهوجي، طالباً تسوية الخلاف. ساد التوتر بين أفراد الحاجزين (الجيش والأمن الداخلي)، ليحطّ في صيدا الوزير مروان شربل. عقد الأخير جلسة صلح و«تصفية قلوب» بين شحرور وصعب من جهة وشحادة من جهة أخرى. وأكدت مصادر المجتمعين لـ«الأخبار» أن الاجتماع ساده «كلام شربل المعتاد»، وتمنيه على الطرفين «التعاون في هذا الظرف العصيب وترك الخلافات الصغيرة جانباً». وأكدت المصادر أن شحادة كما في جلسات سابقة، برر إجراءاته بخوفه على أمنه الشخصي حيث لا تزال تؤرقه محاولة اغتياله قبل سبع سنوات تماماً. ونقلت عن شحرور وصعب استياءهما من أسلوب تطبيق الإجراءات، برغم أنهما لا يقفان ضدها، لكنهما توقفا «عند التصويب على المخابرات والتضييق على زوارها ومخبريها، ما يؤدي إلى كشفهم أمام الناس». ولفتا النظر إلى أن «قادة الأجهزة الأخرى مستهدفون أيضاً، وليس شحادة وحده، ونقلا استياء المواطنين من الإجراءات، ولا سيما بصدد ما ينوي استحداثه من مدخل جديد خاص بالمواطنين يقع عند السور الخلفي للسرايا باتجاه مجمع الجامعة اللبنانية». وكان الاتفاق على أن ينسق شحادة مع صعب في كل الأمور التي ينوي تنفيذها، على ألا يشمل بإجراءاته كل ما يخص المخابرات. وأكد شحادة أنه «لم يقصد التصويب على المخابرات، بل إنه لم يفرق بين أحد». وبعد الاجتماع، توجه كل من شربل وشحادة وأبو ضاهر إلى مجدليون للقاء النائبة بهية الحريري. ودعا وزير الداخلية شحرور وصعب لمرافقتهم، لكن الأخيرين اعتذرا. لكن هل يفي شحادة بتعهداته؟
منذ تسميته المفاجئة خلفاً للعميد طارق عبد الله، قيل إن مجدليون أتت بشحادة ليقف بوجه شحرور ومخابراته. ونقلت أوساط مجدليون أن المستقبل يعتمد على شحادة في حربه ضد حزب الله وسرايا المقاومة. وتردد أن شحادة هو من طلب تولي هذا المنصب، مبلغاً ضباطه بأنه «أتى لضرب سرايا المقاومة». وفيما زغردت الحريري لطلبه، تحفظ اللواء أشرف ريفي، ناصحاً إياه بعدم فتح جبهات مع «قوى الأمر الواقع في الجنوب». ولم تكن تسمية شحادة عابرة. لم يبق في الأذهان أن شحادة وأخواله كانوا مقربين من التنظيم الشعبي الناصري الذي لا يزال والد زوجته محسوباً عليه. الحاضر في الذهن حالياً أن شحادة، الذي نجا من محاولة اغتيال في أيلول عام 2006 في منطقة الرميلة وقضى بعدها أكثر من 6 سنوات في كندا حيث كان يتقاضى مبالغ مالية كبيرة من الدولة اللبنانية، انضوى تحت جناح «المستقبل» وانزلق إلى الجو المذهبي والعدائي ضد حزب الله. وفي الطريق، يريد أن يعلن نفسه آمراً أوحد للأمن في الجنوب.

0 التعليقات:

إرسال تعليق