الجمعة، 21 يونيو 2013

الرقص على حافة الهاوية... و«الطائف» أوّل الضحايا

الرقص على حافية الهاوية، هو التوصيف الصحيح لحفلة الفلتان الأمني، وقطع الطرق، والصواريخ المتنقلة بين المناطق طائفياً بغية إرباك البلد وتشتيت قدرات الجيش والقوى الأمنية وإضعاف الدولة ومؤسساتها الى الحدّ الادنى.
هذا النوع من الرقص يكون غالباً محفوفاً بجملة مخاطر، ولا ضمانات في تركيبة رخوة كالتركيبة اللبنانية. وما يصح على طرف يصح على غيره، وعندما تقع الدولة وتعلن استسلامها امام الخارجين عنها وعليها، نصبح امام واقع جديد يحتاج الى صيغة جديدة وتركيبة جديدة وربما لنظام سياسي جديد، يرعى التناقضات اللبنانية ويعيد ترتيب الصيغة لحماية الكيان.

واعمق ممّا يتم الحديث عنه في العلن، تدور نقاشات جدية بين شخصيات نُخب وكوادر في قوى "8 آذار"، تبحث في مستقبل الصيغة اللبنانية والدولة والكيان في ظل "حفلة الجنون" التي ينفذها البعض بنحو واضح ومدروس.

قد يظنّ البعض أنّ الحملة السياسية والاعلامية على "حزب الله" ومذهبة الخلاف السياسي ستفضي الى إرباكه وإشغاله وربما "معاقبته" على وجوده في سوريا. وربما تذهب مخيلة هؤلاء أو من يرعاهم الى الظنّ أنّ تفجير لبنان أمنياً سيمنع الحزب وسيعوقه عن أيّ دور في سوريا.

لكن يغيب عنهم بحسب هذه النخب والشخصيات "أنّ البلد يقيم على هشاشة غير مسبوقة، في ظل زلزال يضرب شعوب ودول المنطقة، وأمام احتمالات مفتوحة على مستوى استقرار هذه الدول وحدودها وتجانسها الوطني والاجتماعي"، وأن ايّ تحوّل مفتوح على المستوى الامني والسياسي ستكون له أثار عميقة يصبح من الصعب تجاوزها في عملية ترتيب البيت اللبناني واستعادة السلم الاهلي. اول ضحايا ايّ خلل امني كبير سيكون "اتفاق الطائف" أي الصيغة التي حكمت لبنان منذ العام تسعين حتى اليوم.

والسبب يكمن في وجود "هواجس" لدى الجميع وعلى رأسهم المسيحيين، وهذه الهواجس متصلة بالواقع المحيط بلبنان من جهة، وبمشاعر القلق المتنامية عند معظم الاقليات في الشرق من جراء انفلات "الوحش الاصولي" من العراق الى سوريا فلبنان.

بعض الكلام يظلّ مكتوماً في هذا النوع من النقاشات. لا يزال البعض يراعي الحساسيات المذهبية اللبنانية، وربما يخجل البعض الآخر من الإعلان عن شعوره بالغبن في ظلّ غياب المشاركة الجدية.

لكنّ ترك البلد للإهتراء ووضعه امام اختبارات امنية وكيانية صعبة وتشريعه أمام كل انواع الاصوليات الوافدة، سيجعل السكوت نوعاً من القبول بالموت او الزوال او الهجرة، وقد يكون جسراً للتعبير عن الواقع والمطالبة بمزيد من الضمانات الدستورية بنحو لا مجاملة فيه.

عندما يتمّ ابتزاز الجيش والقوى الامنية ووضع الخطوط الحمر المذهبية امامها. وعندما يُفتح البلد لعشرات ألوف المقاتلين تحت مسمى "نازحين"، وحين يتمّ التحرك امنياً وعسكرياً تحت غطاء مذهبي للضغط في هذا الاتجاه او ذاك، نكون امام خروج غير مسبوق عن مفهوم الدولة، وعن كل المفردات الميثاقية المعهودة في قاموس التعايش اللبناني.

ما يعني أنّ النظام الحالي لم يعد قادراً على خلق انتظام عام، ورعاية التناقضات اللبنانية، ويصبح ايّ حدث امني كبير مدخلاً للبحث في كل شيء ولا ضمانات ولا مكتسبات بعدها لأحد.

لم يمرّ على تاريخ لبنان الحديث انقسام يضمر خوفاً وخوفاً مضاداً كالذي يجري اليوم. والحريص على عدم تفجير هذه المخاوف عليه التوقف عن "الضرب تحت الحزام". هذا الاسلوب المحرج في التعامل السياسي له تأثيره المباشر على مستقبل البلد وبقائه وديمومة العيش فيه.
»  غسان جواد / الجمهورية

0 التعليقات:

إرسال تعليق