الجمعة، 17 يناير 2014

حكومة الفراغ الرئاسي - كتب واصف عواضة في جريدة السفير

ليس سراً ان جميع العاملين على تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، رسميين وسياسيين،
في الداخل والخارج، يتصرفون على أساس أن الفراغ الرئاسي بعد الخامس والعشرين من أيار/مايو المقبل، هو تحصيل حاصل. وعليه يجري التشدد في الحصول على ضمانات تمنع هذه الحكومة من ممارسة أدوار نافرة وهي تمارس صلاحيات رئيس الجمهورية في ظل الفراغ المفترض، وعلى أساس مستقبل يبدو غامضا الى أبعد الدرجات.
لقد شهد لبنان سابقاً حالتي فراغ رئاسي نجم عنهما أزمات سياسية وأمنية حمّلت البلاد أثقالا مكلفة من الدم والدمار. كانت الأولى في نهاية عهد الرئيس أمين الجميل عام 1988 حيث شكل الأخير حكومة عسكرية برئاسة العماد ميشال عون استقال نصف اعضائها قبل ان تولد ومارست السلطة بطريقة غير طبيعية، أوجبت في مواجهتها حكومة أخرى برئاسة الرئيس سليم الحص، وانتهى هذا المخاض بـ«اتفاق الطائف». أما الحالة الثانية فكانت في نهاية عهد الرئيس اميل لحود عام 2007 حيث سدت الفراغ حكومة منقوصة برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة اعتبرت غير ميثاقية بسبب استقالة الوزراء الشيعة منها، فشهدت البلاد حالة من الفوضى انتهت بـ«اتفاق الدوحة» وانتخاب الرئيس ميشال سليمان.
والواضح حتى الآن ان قاعدة «المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين» لا تنطبق على لبنان، اذ «سبق الفضل» ولُدغ اللبنانيون مرتين من الجحر نفسه، ومن المرجح ان يُلدغوا مرة ثالثة بالفراغ الرئاسي، فيحتاجون الى «دوحة» ثانية يعلم الله اين ستكون هذه المرة.
وعلى الرغم من الانفراج الجزئي الحاصل في موضوع الحكومة، والذي يفترض ان يؤول الى تشكيلة وزارية جديدة جامعة بعد تسعة أشهر من الانتظار، فإن ذلك لا يعني ان الانتخابات الرئاسية مضمونة قبل انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان وفق السياق الدستوري. فالراسخون في العلم يعتقدون ان فريقي النزاع الآذاريين لن يحظيا بنعمة الرئاسة بمرشح من أحدهما، حتى لو توفرت الأكثرية المطلقة لهذا المرشح، وذلك استنادا الى المعطيات النيابية التي تفرض اجتماع ثلثي المجلس كنصاب قانوني لانتخاب الرئيس.
وعليه يصبح التفتيش عن رئيس وسطي من باب تحصيل الحاصل. والاسماء المرشحة من هذا القبيل باتت معروفة، وهي تحتاج الى دفع اقليمي دولي قد لا يكون متوفراً إلا «بعد خراب البصرة»، تماما كما حصل في المرتين السابقتين.
في الخلاصة اذا صحت التوقعات يكون الرئيس تمام سلام قد «صبر وظفر» بلقب صاحب الدولة، ولقب «صاحب الفخامة» رمزياً، باعتبار انه سيكون رئيسا للمجلس الذي يتولى صلاحيات رئيس الجمهورية في حال الفراغ. فالحكومة المقبلة برئاسته باتت «قاب قوسين او أدنى» من الانبعاث. وقد حُسم المبدأ وبقيت التفاصيل. صحيح ان الشيطان يكمن في التفاصيل، لكن السياسيين اللبنانيين اثبتوا غير مرة انهم أقوى من الشيطان نفسه.

0 التعليقات:

إرسال تعليق