الثلاثاء، 4 مارس 2014

«خريطة طريق» نسائية.. وطنية - سعدى علو - جريد السفير

رفعت «لجنة حقوق المرأة»، في لقائها الإعلامي أمس، لمناسبة اليوم العالمي للمرأة، الصوت عالياً، بسلة من المطالب المتعلقة بحياة الإنسان في لبنان، على مستويات الأمن السياسي والاجتماعي والاقتصادي والديموقراطي والنقابي، لتعود إلى النساء ومطالبهن وحقهن بالمساواة التامة وبمنح الجنسية. ولم تنسَ اللجنة مطلباً أساسياً تمثل باستحداث قانون مدني موحد للأحوال الشخصية.
وردّت اللجنة، عبر تحديدها أولوياتها الوطنية والنسائية والحقوقية، على الأداء الرسمي للمسؤولين اللبنانيين الذين يتعاطون مع قضايا النساء وكأنها شأن منفصل عن السياسات العامة في البلاد من جهة، وعلى تعاملهم معها بمنطق الذكورية ومسايرة الطوائف والنظام السياسي الطائفي على حساب القضايا عينها.
ونجحت اللجنة في رد قضايا النساء إلى إشكاليتها الأساسية الكامنة في حق المواطنين نساءً ورجالاً في العيش بدولة ديموقراطية ومدنية وعصرية، وبالأمن على أنواعه، وبالسلم والطمأنينة والتمثيل الديموقراطي الصحيح، وبالاستقرار وبالرخاء الاقتصادي، وبضمان الحقوق النقابية، على طريق إنصاف النساء في مسألة الافتقاد للمساواة في قطاعات عدة.
وخصصت اللجنة في خطاب «خريطة الطريق»، التي رسمتها، وتلتها رئيستها عزة الحر مروة، موضوع العنف الأسري حيزاً أساسياً على خلفية جرائم قتل النساء التي هزت المجتمع مؤخراً. من رلى يعقوب إلى منال العاصي إلى كريستال أبو شقرا، وكل أولئك المهددات في منازلهن في غياب قانون يحمي النساء من العنف الأسري ويشكل رادعاً، ويحول دون إفلات مرتكبي العنف من العقاب.
فالعنف، ليس ضد النساء فحسب، بل ينتهك مبادئ المساواة في الحقوق واحترام الكرامة الإنسانية، ويطيح بالنهج الذي يعترف بالمرأة شريكة مساوية للرجل وعنصراً أساسياً يتقاسم معه المسؤوليات والأدوار وبناء الأسرة والدولة ومعهما الوطن.
ومن العنف ضد النساء الذي فرض نفسه في صدارة الأمور الطارئة التي تحتاج إلى معالجة جذرية، انتقلت مروة إلى مجموعة من القوانين المجحفة التي تمكن المجتمع المدني من تعديلها بما يعيد للمرأة الإنسان بعض حقوقها على صعيد العمل والتقديمات التأمينية. ومن هذه القوانين نظام المنافع والخدمات في تعاونية موظفي الدولة وقانون التقاعد والصرف من الخدمة (المادة 14 من قانون الضمان الاجتماعي)، وبعض مواد قانون العمل وقانون التنزيل الضريبي، وإلغاء جريمة الشرف والمساواة في التعويض العائلي. وأكدت أن العمل مستمر مع اللجان المختصة في مجلس النواب من أجل استكمال التعديلات اللازمة في قانون العقوبات وغيره من القوانين.
وردت اللجنة بعض «الاخفاقات» إلى بنية النظام السياسي القائم في لبنان والنظام الطائفي الفئوي المتجذر في مجتمع ذكوري، يحول دون اعتبار آمال النساء في المساواة وقضاياها همّاً وطنياً عاماً، ويواجه هم المواطنين كافة، لبناء دولة مدنية ووطن ديموقراطي.
وبالرغم من التوصيف الدقيق للحكومة الحالية والدور المتوقع منها في ظل محاولة «كل فريق سياسي في لبنان كسب الوقت ربطاً بالتطورات الإقليمية وما يجري في سوريا»، إلا أن اللجنة طالبت مجلس الوزراء بإيلاء قضايا المواطنين الحياتية الاهتمام اللازم ومعالجة الأزمة الاقتصادية والمعيشية الخانقة وطبعاً توفير الأمن والاستقرار اللازمين.
وفي ظل ما يحصل في العالم العربي من تغييرات، أعادت اللجنة توجيه البوصلة نحو فلسطين حيث يبرز التآمر على القضية ولشطب الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني بحقي تقرير المصير والعودة وبناء دولته، في محاولة لتصفية القضية الفلسطينية وتكريس يهودية «دولة إسرائيل».
ووضعت اللجنة ما يجري في إطار «تفتيت المنطقة العربية وإعادة رسم خريطتها وفق ما يسمى «مشروع الشرق الأوسط الجديد»، وشرذمتها إلى كيانات متناحرة عرقياً ودينياً ومذهبياً بغرض تأييد سيطرة الاستعمار الجديد وتسهيل نهب الثروات العربية بعد مصادرة ثوراتها». وشددت على أن ما يحصل من حولنا يضع لبنان في قلب العاصفة على الصعد كلها.
وبناء عليه، أكدت اللجنة التزامها بجملة من الخطوات النضالية، على الصعد السياسية والاقتصادية - الاجتماعية وقضايا النساء والإعلام.
والتزمت اللجنة على الصعيد السياسي بالعمل والتنسيق بين الأطراف السياسية اللبنانية من أجل حماية لبنان، ووضع المصلحة الوطنية قبل كل اعتبار، وبالتيقظ ومواجهة خطر الموت الذي يفتك بالمواطنين والجيش في مختلف المناطق، ومنع تأجيج الأوضاع الداخلية، والنضال من أجل السلم الأهلي وتحصين المقاومة الوطنية اللبنانية في مواجهة الاحتلال والعدوان الصهيوني، وذلك استناداً إلى المواثيق الدولية التي تقر حق الشعوب بالدفاع عن نفسها.
وفي الإطار السياسي عينه طالبت اللجنة باستحداث قانون انتخاب ديموقراطي عصري، خارج القيد الطائفي، يعتمد لبنان دائرة انتخابية واحدة على أساس التمثيل النسبي، وخفض سن الاقتراع إلى 18 سنة، واعتماد حق الحصة للمرأة (الكوتا) بنسبة 30 في المئة على الأقل، والعمل لتحويل الوعي الجماهيري من الانتماء الطائفي والمذهبي الى الانتماء الوطني، وتنشيط الحياة السياسية وتوسيع مروحة المشاركة، وحثّ المرأة على الانخراط في الأحزاب السياسية وتوسيع مشاركتها في العمل السياسي.
وعلى الصعيد الاقتصادي - الاجتماعي، شددت اللجنة على التنسيق مع مختلف الهيئات الشعبية والاتحادات النقابية والقوى الديموقراطية، والدفع باتجاه قيام تيار ضاغط من أجل وضع خطة وطنية للاصلاح الاقتصادي والاجتماعي. وهو ما يتطلب وضع آلية لتعزيز الاقتصاد الوطني عبر تطوير القطاعات المنتجة، واعتماد سياسة لمعالجة الأزمة الاقتصادية الحادة، وحل أزمة البطالة وإيجاد فرص عمل، وتأمين الدولة الرعاية الاجتماعية وتوفير الخدمات الأساسية والتقديمات الاجتماعية، ودعم الحركة النقابية ذات البعد الديموقراطي في الدفاع عن حقوق الطبقة العاملة ومكتسباتها بالأساليب الديموقراطية، والعمل من أجل إقرار حق التنظيم النقابي في القطاع العام. وأكدت دعمها تحرك هيئة التنسيق النقابية التي أثبتت قدرتها على توحيد الحركة النقابية، واقرار مطالبها المحقة، وخصوصاً سلسلة الرتب والرواتب، وتحفيز المرأة للانخراط في العمل النقابي.
وعلى صعيد قضية المرأة، التزمت اللجنة بمتابعة النضال من أجل استكمال تعديل قانون العقوبات والضمان الاجتماعي وتنزيهها من التمييز ضد المرأة، وإقرار قانون حماية المرأة من العنف الأسري، ومنح المرأة اللبنانية حق إعطاء جنسيتها لأولادها، واستحداث قانون مدني موحد للاحوال الشخصية، وإصدار مراسيم تطبيقية لوضع التعديلات موضع التنفيذ، وإدماج منظور النوع الاجتماعي (الجندر) في السياسات العامة، وتوعية مجتمعية بشأن الحقوق الإنسانية للمرأة، ومفهوم المواطنة الكاملة، ورفع التحفظات عن «اتفاقية سيداو»، والمصادقة على البروتوكول الاختياري للاتفاقية.
وعلى الصعيد الإعلامي، طالبت اللجنة بتفعيل المجلس الوطني للإعلام، ومطالبة وسائل الإعلام بالابتعاد عما يزرع الفتنة ويزعزع الوضع الداخلي، والعمل على تغيير الصورة السلبية عن المرأة اللبنانية في الإعلام، وإبرازها كما هي مواطنة منتجة ومساهمة أساسية في بناء الدولة وتطوير المجتمع، وإعداد دراسات ميدانية لظاهرة العنف، لا سيما الانتهاكات لحقوق المرأة، ومناهضة العنف ضد المرأة بكل أشكاله، وإيلاء مساحة في وسائل الإعلام لطرح قضية المرأة من مختلف جوانبها.

0 التعليقات:

إرسال تعليق