الاثنين، 3 مارس 2014

موقف الرئاسة الأولى في نظر حزب الله مكلف جداً - كتب ابتسام شديد في جريدة الديار

عندما يضيق "صدر المقاومة" بالأخطاء المتكررة!

ليست «زلة لسان» رئيس الجمهورية وحديثه عن الخطاب الخشبي على مشارف الأيام الأخيرة لنهاية الولاية الرئاسية هي وحدها التي جعلت الود مفقوداً بين قصر بعبدا والحارة، وان كانت خاتمتها هذه المرة ليست «مسكاً» بل تراكمات كثيرة تعود الى الأشهر الأخيرة والى عدة مواقف صدرت عن القصر وفاجأت حزب الله في توقيتها السياسي وفي مضمونها. صحيح ليس سهلاً وأمراً عادياً على المقاومة ان تهضم كلام رئيس الجمهورية وان ينسب الرئيس اليها خطاباً خشبياً المقصود به التفاصيل التي تؤخر وتعيق صدور البيان الوزاري، خصوصاً وان حزب الله حاول دائماً كما تقول مصادر في 8 آذار الحفاظ على علاقة مستقرة ومتينة مع بعبدا، عبر الجلسات الكثيرة والخاصة التي كانت تحصل بين رئيس كتلة الوفاء للمقاومة ورئيس الجمهورية في محاولة لإزالة كل التباينات والخلافات السابقة.
كان يمكن لحارة حريك كما تقول المصادر ان تغفر للرئاسة بعض اخطائها لكن ليس كلها، ولعل التصريح الأخير لرئيس الجمهورية هو واحد من الأخطاء التي لن تنفع معها سعة صدر المقاومة، سبق ان تم تسريب كلام عن الرئاسة بان لبنان يحكم من بعبدا وليس من حارة حريك، وسبق الكثير من المواقف للرئاسة الموجهة ضد حزب الله لتدخله في الحرب السورية، مما أوحى في الكثير من المرات بوجود أزمة صامتة بين بعبدا والحزب، على ابواب الاستحقاق الرئاسي الذي يؤكد رئيس الجمهورية عدم رغبته بالتمديد في ظل المعلومات التي تحدثت عن لا حظوظ للتمديد وبأن الفراغ يطل برأسه وبأن ثمة فريق لبناني يقف ضد التمديد للرئيس.
المؤكد ليست مسألة التمديد لرئاسة الجمهورية هي وحدها اسباب توتير العلاقة بين بعبدا وحزب الله اليوم، وان كان بات واضحاً ان الحزب يرفض تمديد الولاية السليمانية بعد تحول رئاسة الجمهورية الى فريق سياسي في المرحلة الأخيرة بحسب رأي المقربين من المقاومة، «فالجلسات الطويلة» في القصر بين رئيس الجمهورية ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة في المراحل الماضية لم تنجح في إقناع ميشال سليمان بموجبات مشاركة حزب الله في الحرب السورية وانغماس الحزب فيها. وترى المصادر في 8 آذار بما يجري على خط بعبدا ان رئيس الجمهورية بالنسبة الى حارة حريك وحلفائها صار طرفاً في التجاذب السياسي الى جانب 14 آذار، واختار في نهاية ولايته الرئاسية ان يسلف من يعنيهم الأمر في الوسط المسيحي ولدى فريق 14 آذار مواقف «شجاعة» للرئاسة المسيحية ضد سلاح الحزب ومشاركته في الحرب السورية، بعدما وصلته اشارات ان التمديد لم يعد يصلح للمرحلة المقبلة، وبعدما بلغ بعبدا ان مرشح حزب الله سيكون رئيس تكتل الاصلاح والتغيير، خصوصاً وان الاخير أنجز الكثير من الخطوات وقطع الخطوط الحمراء التي كانت قائمة مع المستقبل وبات اسمه بعد تشكيل الحكومة السلامية جدياً ومقبولا من بعض الأخصام السابقين.
وإذا كان ما يقال في الكواليس أكثر مما هو معلن فالواضح ان رئيس الجمهورية كما تقول المصادر نفسها لم يعد لديه ما يخسره، فهو يدرك تماماً ان فرص بقائه في بعبدا صارت معدودة، وهو لذلك قرر ان يترك الكرسي مسجلاً سكور مسيحي في المواقف ضد حزب الله.
العتب لدى فريق 8 آذار يبدو واضحاً في تناقضات السلوك الرئاسي في الآونة الأخيرة، هو تناقض يظهر في الخط السياسي الجديد لسيد بعبدا وفي رؤيته ومقاربته لبعض المسائل الاستراتيجية والحساسة. فليس المطلوب ان يدافع رئيس الجمهورية ربما عن سلاح حزب الله، لكن من الأجدر لو بقي رئيس الجمهورية محيداً نفسه عن الصراع السياسي، فكان يمكن انتقاد التأخير او الخلاف الحاصل في شأن البيان الوزاري بدون العودة الى «اللغة الخشبية» وكان من الأفضل لو نأت الرئاسة الأولى في مرحلة عن انتفاد مشاركة حزب الله في القتال السوري من على المنابر وفي المحافل الدولية ايضا وفي مناطق معروفة الانتماءات والولاءات الخارجية.
في تقدير منتقدي الرئاسة، الكلام يتناغم مع ما يحصل في الساحة الداخلية من استعداد للانتخابات الرئاسية فالكلام الموجه ضد حزب الله يدغدغ مشاعر فئة واسعة من المسيحيين ويرفع من حظوظه المسيحية، وهذا ما بدا واضحاً في حملة الاصطفاف السياسي المدافعة عن موقف ميشال سليمان بعد بيان حزب الله.
لكن هل تكون الحرب الكلامية حول البيان الوزاري هي آخر الكلام بين بعبدا والحارة، تؤكد المصادر ان حزب الله يعتمد سياسة النفس الطويلة مع الأفرقاء في الداخل نظراً لانشغالاته واهتماماته الكثيرة، لكن الأمور خرجت عن السيطرة مؤخراً خصوصاً بعدما تقصدت الرئاسة ايصال رسالة ما الى حارة حريك بدون الأخذ بعين الاعتبار بالنتائج، فالموقف الرئاسي هذه المرة بدون شك هو مكلف ومكلف جداً.

0 التعليقات:

إرسال تعليق