الثلاثاء، 4 فبراير 2014

اللقاء الآن الآن بين الرئيس الحريري والسيد نصر الله!! بقلم نبيه البرجي - جريدة الديار

اخذاً بالمثل الصيني، فإن بنيامين نتنياهو ينتظر جثثنا على الضفة الاخرى من النهر!
واخذاً بقول الفيلسوف الفرنسي برنار - هنري ليفي الذي يرتبط بعلاقات حساسة اسرائيليا وعربيا، فإن لبنان، كما سوريا، دولة قيد التصفية، وقد انتفت الغاية من انشائه، اذ تحوّل الى دولة اسلامية لا مبرر لبقائها بعدما كاد المسيحيون يندثرون سياسياً وحتى ديموغرافياً، ولكن دون ان ينقل الينا البشرى بقيام الوعد التوراتي من الفرات الى النيل اذ من المستحيل، ولاسباب لاهوتية، استنساخ ملايين اليهود بالرغم من ان ذلك في متناول اليد على المستوى التقني...
ولنتصور عشرة ملايين يهودي على تخومنا من قبيل البرت اينشتاين او كارل ماركس او سيغمند فرويد، وهم الترويكا اليهودية التي وضعت يدها، تكنولوجيا وايديولوجيا وسيكولوجيا، على القرن العشرين، كما لاحظ ارنولد توينبي...
واذا كانت هذه هي الدولة، فأي لبناني يريد لها ان تبقى الا اذا كنا من عشاق التسويات الفولكلورية التي تفضي، تلقائيا، الى انتاج تلك الانواع الهائلة من الازمات...
الموارنة عرفوا كيف ينتحرون وهم يدورون عبثيا حول ذلك الكرسي الكهربائي الذي يدعى رئاسة الجمهورية، بالصلاحيات الافتراضية وربما بالشخصيات الافتراضية، والشيعة عرفوا كيف ينتحرون عندما هووا من تلك اللحظة الاسطورية بدحر الاحتلال الاسرائيلي (وصولا الى يوشع بن نون الذي هاجمنا احد غلاة الشيعة لاننا نلاحقه بكتاباتنا) الى المستنقع الداخلي. السنّة ايضا في طور الانتحار. هؤلاء، اهل الامة الذين طالما اتصفوا بالاعتدال والتعقل يقعون الآن، وفي هذا المهرجان الهيستيري الذي يجتاح المنطقة، في قبضة «داعش» و«النصرة».
وعندما تتداعى الطائفة السنية على ذلك النحو التراجيدي، فأين هو مصير الدولة في لبنان، اذ من تراه اقوى على الارض سعد الحريري ام خالد ضاهر، نجيب ميقاتي ام داعية الاسلام الشهال، تمام سلام ام الشيخ احمد الاسير.
نحاول تصحيح السؤال: لمصلحة من يعمل الوقت، للشيخ مالك الشعار الذي يتميز بوقاره واتزانه و بعمقه، ام للشيخ سالم الرافعي وهو يرغي ويزبد، فيما الاسلام، الاسلام كله، في ازمة. المسلمون كلهم في ازمة. مختلفون حول من تكون الفئة الضالة. وما يحدث على الارض، وخلافا لكل النصوص والاحاديث، يثبت ان الجميع فئات ضالة وتقتتل في ما بينها الى يوم القيامة...
ازمة البقاء ليست في لبنان وحسب. في كل المشرق العربي، من عكار في لبنان وحتى حضرموت في اليمن. دولة تتحلل كما الجثث العتيقة تتحلل، وحيث ترى احيانا كيف ان الرولز رويس، حتى الرولز رويس، ترتدي البرقع الافغاني.
دول عمياء، مجتمعات عمياء ايضا. ويوماً بعد يوم نزداد قناعة، واقتناعا، بأن التجربة السورية التي ضربت لبنان و تضرب العراق، لا بد ان تضرب الدول الاخرى ما دام يوسف القرضاوي، بعباءته التي يتقاطع فيها الذهب مع الدم، هو «النبي الآخر» الآن...
يا اصحاب العمائم الاجلاء، لا سيما الذين يتقيأون الوحول، من فضلكم اعيدوا قراءة القرآن ثانية بعيون اللقلاق (الذي يرى بعيدا) لا بعيون الضباع الذين تنتظرهم حور العين وراء بوابات الدم.
في لبنان، كما في اقطار مشرقية اخرى، تحّولت المساجد، وتذكروا انها بيوت الله، الى مصانع تعمل ليل نهار، لانتاج الضغينة، والهذيان، وآخر تجليات العصر الحجري...
ثمة رجل في مخيم عين الحلوة يدعى توفيق طه هو الرئيس الفعلي للجمهورية اللبنانية. جمهورية الرعب. اسمعوا وزير الداخلية مروان شربل (الذي قال صادقا ما قاله) واسألوا من يحكم لبنان، الذي يتولى تفخيخ السيارات، وتصنيع الانتحاريين، ام الذي يدور سياسيا ، ودستوريا، في الحلقة المفرغة؟
ونسأل اين هو سعد الحريري الآن؟ يذكرّنا دوماً بأنه ابن الشهيد رفيق الحريري الذي نجلّ ونتحسر، ولكن ماذا كان فعل رفيق الحريري لو كان بيننا، وفي هذا الوقت بالذات، حيث لبنان دخل في ثقافة «داعش» و«النصرة»، اي في ثقافة البرابرة، ودون ان نأخذ بتلك التبريرات التي وصفها وليد جنبلاط بأنها لغة الغباء؟
لا شعب هناك لكي يثور، بل قبائل وطوائف وقصاصات، فلبنان في النقطة التي تموت فيها المجتمعات وتموت فيها الدول، ودون ان نعوّل كثيرا على تطمينات ديفيد هيل او باتريس باولي، اذ متى كان الغرب طوباوياً في تعاطيه مع المنطقة التي طالما كانت، ولا تزال، مزرعة للاساطيل والقناصل؟
اذاً، قضيتنا ونحن نذهب الى الجحيم، هي الى من تذهب هذه الحقيبة او تلك، فيما الشاشات تمتلىء يوميا بالببغاءات التي ملّ منها الملل. اذاً، هل يقول البطريرك ما يقوله للريح ام للتاريخ. في هذه اللحظة ثمة تقاطع سريالي بين الريح والتاريخ...
منذ اكثر من عام، وابو بكر البغدادي بيننا. في ما مضى كنا حائرين بين ان يكون لبنان هانوي ام هونغ كونغ. الآن، حائرون بين ان يكون لبنان تورا بورا ام لاس فيغاس، ابو سياف الانصاري ام ميريام فارس ومايا دياب . لا تذكروا جبران خليل جبران، اذ لا مكان للانبياء بيننا، مادام البرابرة اياهم قد صنعوا اظافر حتى للملائكة..
لا ضوابط داخلية، ولا ضوابط اقليمية، ولا ضوابط دولية. هي الفوضى، قال ذلك، ضمنا ، وزير الداخلية، اي ان «دولة لبنان الكبير» هي «مقبرة لبنان الكبير». الانتحاريون بيننا. لا نحكم من القصر الجمهوري، ولا من السراي الحكومي بل من كهف في مخيم عين الحلوة...
مثلما نريد ان يعرف ذلك الرئيس سعد الحريري، نريد ان يعرف ذلك الدكتور سمير جعجع، وصـولا الى العـماد ميشال عون، فاليوم ليس يوم الحقائب، بل اليوم الذي يتحول فيه لبنان الى حقيبة اما للرحيل او للرحيل الآخر..
هي اللحظة الكبرى التي ننتظر فيها لقاء، بل عناقا، بين الرئيس سعد الحريري والسيد حسن نصر الله، وإلا فالذئاب لن تترك جثة على جثة..

0 التعليقات:

إرسال تعليق