الأربعاء، 30 أكتوبر 2013

هل من "أمر عمليّات" إقليمي "سعَّر" حملة التيّار الأزرق على المؤسّسة العسكريّة؟ ابتسام شديد - "الديار"



إذا ما جرت محاولة لتقييم علاقة «تيار المستقبل» بالأطراف والأحداث لأظهرت النتائج ان علاقة المستقبل بالقوى السياسية من خارج نادي الحلفاء التقليديين هي في حدود الصفر، الأمر ليس جديداً او غير معروف وسط الخلاف السياسي الحاد الذي يحتم الاصطفافات السياسية والانتقادات اللاذعة للأخصام. لكن ان تصل الأمور الى حد المس بالمؤسسة العسكرية التي هي الضامن الوحيد للسلم الأهلي في لبنان كون الجيش على الحياد والتعرض له «خط أحمر» في السياسة فذلك حديث آخر كما ترى أوساط أمنية متابعة للملف الأمني في طرابلس. فالواضح ان موقف الحريري الأخير باشارته لرفض المستقبل الخطة العسكرية ودخول الجيش الى طرابلس حتى لا يصبح «شاهد زور» على ما يجري لم يعجب كثيراً العارفين في السياسة والأمن في كل الأوساط، وحتى حلفاء الحريري من الخط السياسي نفسه اي من الفريق المسيحي في 14 آذار، بعد ان كان «جرح» عبرا لم يندمل بعد بين المستقبل وقيادة الجيش.
بالتأكيد ليست المرة الأولى التي يوجه التيار الأزرق اتهامه الى المؤسسة العسكرية عبر الإيحاء بانها ليست على الحياد او ان القيادة منحازة الى فريق سياسي معين، على حدّ قول مصادر في 8 آذار فعلى أثر أحداث أيار 2008 توعد الحريري بالمحاسبة، وفي حادثة الكويخات ومقتل الشيخين على حاجز عسكري كادت الأمور تنحو منحى خطراً وفي أحداث عبرا برز الدعم المستقبلي واضحاً في مواقف النائبة بهية الحريري المدافعة عن المتهمين بالاعتداء على الجيش من أنصار أحمد الأسير وفي وتوكيل المحامين لهؤلاء وإعالة عائلاتهم، قبل ان تنتقل بهية الحريري الى اليرزة لطي الصفحة مع القيادة وبلورة الموقف، وقبل ان يشارك قائد الجيش في احتفال البيال لـ 14 آذار.
لكن الصفحة كما تقول المصادر لم تطو بالكامل، فما لا يقوله زعيم المستقبل شخصياً يتولاه نواب التيار الأزرق خالد الضاهر ومعين المرعبي اللذين اشتهرا بتهجمهما على المؤسسة العسكرية، وهذا الهجوم المتكرر كل فترة جعل القيادة العسكرية تلجأ الى القضاء للجم النائبين المرعبي والضاهر. وإذا كان تيار المستقبل سار في خيار التمديد للقيادة الحالية للمؤسسة العسكرية، فالأمر ليس معناه الرضى والقبول والامتنان للقيادة الحالية، بقدر ما يرتبط بالحسابات الخاصة لتيار المستقبل وعلاقته بالأطراف السياسية التي كانت تعول على تغيير في القيادة الحالية في خانتها.
وسألت المصادر لماذا عاد الحريري ليغمز من قناة إقحام الجيش ودخوله الى طرابلس بعدما كادت الأمور تستقر مع المؤسسة العسكرية، وبعد ان كان الحريري أظهر تعاطفاً مع شهداء الجيش في عبرا ونهر البارد قبله، ودعمه لخطوات كثيرة نفذها الجيش في بيروت والبقاع، ولماذا استهداف الجيش سياسياً على عتبة تنفيذ انتشاره الأمني في مدينة طرابلس لضبط الأمن ومنع الفتنة من التوسع والانفلاش، خصوصاً ان الجيش بات أمام حلين لا ثالث لهما، فاما ترك المدينة للمسلحين يعبثون بأمنها، واما الحل العسكري والمواجهة بكل تداعياتها على اعتبار ان الانسحاب يضر بهيبة المؤسسة العسكرية وغير وارد بعدما سبق للجيش ان نفذ مهمات في نفس الخطورة كما حدث في الضنية ونهر البارد وفي احداث عبرا.
وترى المصادر نفسها في كلام الحريري ان الأخير يقرأ مجدداً بقراءة خاطئة، فليس من مصلحة اي فريق سياسي تعريض «ظهر» الجيش للخطر وكشفه أمنياً، او افتعال اشكالية مع المؤسسة العسكرية التي هي الضامن للسلم الأهلي. لكن الواقع ان ما يحدث في مدينة طرابلس لا صلة له بالأطراف الداخليين، فثمة من ينفذ أجندة خارجية على أرض لبنانية، وما يحدث في طرابلس رسائل إقليمية متنقلة بين سوريا والسعودية، فيما يرى آخرون ان معادلة جبل محسن هي مقابل معادلة القلمون التي توشك على الوقوع بعد اتجاه حزب الله والنظام السوري الى الحسم في تلك البقعة. فأحداث طرابلس على صلة بألأحداث السورية التي دخلت عنق الزجاجة وبالمأزق السعودي وانزعاج السعودية من التقارب الأميركي الإيراني، فالجولة 17 لم تندلع بدون اسباب ومن العدم، فالمعركة ذات أبعاد اقليمية، بأدوات محلية، ثمة من يريد ابتزاز حزب الله والسوريين والمقايضة اللبنانية، وثمة من يرى ان المستقبل يتلقى أمر عمليات من حلفائه الإقليميين، وإلا كيف يمكن فهم توزع المحاور القتالية بين محور اللواء أشرف ريفي الذي يحرك العمل العسكري بين جبل محسن وباب التبانة، ومحور العميد المتقاعد عميد حمود (المستشار الأمني السابق لسعد الحريري)، وبين المسلحين من انصار نواب المستقبل.
واشارت المصادر الى أن تيار المستقبل على ما يبدو لم يتعظ من تجارب البارد وعبرا، وبان السير عكس خيار المؤسسة العسكرية قرار خاطىء، فالمؤسسة العسكرية هي المؤسسة الوحيدة المتبقية خارج الخلافات وتجاذبات السياسيين.

0 التعليقات:

إرسال تعليق