الاثنين، 22 يوليو 2013

بانتظار ردّ الحريري على نصرالله

بانتظار ردّ الحريري على نصرالله

 إبراهيم الأمين - الأخبار
مبادرة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الى التهدئة والحوار ليست في سياق الوقت الضائع كما يتصرف بعض أركان فريق 14 آذار، ولا هي تحتمل منطق المناورة على ما يعتقد الذين ينظرون اليها من خلفية اقتناعهم بأن الحزب في حال صعبة، وأنه يناور بهدف كسب الوقت والتغطية على مأزقه الناجم، في رأيهم، عن تدخله المباشر في الأزمة السورية.
طبعاً، يصعب إقناع أحد بأن كل التحليلات حول موقع الحزب وفريقه وحول ما يجري في المنطقة ليست في مكانها. ولذلك، قد يكون الأكثر إفادة هو الدخول مباشرة الى قلب الموضوع، أي إن دعوة السيد نصرالله إنما هي موجهة فعلياً الى تيار المستقبل. وبالتالي، فإن تعليقات بقية الكومبارس في قوى 14 آذار لا تفيد ولا تؤثر في أصل الفكرة. وإذا ما قرر الرئيس سعد الحريري، لأسباب تخصه هو أو ربطاً بحسابات إقليمية ودولية، عدم التعامل إيجاباً مع المبادرة، فهذا يعني أننا سنكون أقرب الى مستوى جديد من المواجهة السياسية في البلاد. صحيح أن التعبئة الاعلامية والشحن سيزدادان، لكن المسرح المباشر سيكون في معركة تأليف الحكومة وفي ملف التعيينات الأمنية.
الرئيس المكلف تمام سلام يشعر بأنه محاصر من قبل أكثر من طرف. هو لن يصرّح الآن بحقيقة ما يجري معه. لكن شكواه من قوى 8 آذار التي ترفض منحه التفويض، باتت متساوية مع شكواه من فريق 14 آذار الذي يريده أن يدخل في معركة تفقد حكومته صفتها التوافقية وتصبح حكومة ضد مصلحة الوطن. وهو، هنا، يستفيد من موقف كل من الرئيس ميشال سليمان والنائب وليد جنبلاط بضرورة تأليف حكومة جامعة لكل الاطراف، حتى يكبح جماح متطرفي 14 آذار، وفي مقدمهم تيار المستقبل، إذ يشعر سلام، بقوة، بأن في التيار من لا يريد له أن يقود حكومة تعيش حتى موعد الانتخابات النيابية المقبلة، كما يشعر، بقوة، بأن الرئيس فؤاد السنيورة، على الأقل، يحاول ممارسة وصاية أين منها الوصايات الاميركية والسعودية والسورية التي يعرفها سلام جيداً. وبالتالي، فإن سلام يأمل بخطوة من جانب الرئيس الحريري، تضع إطاراً للعلاقة، فإما تسهّل له مهمة تأليف الحكومة، أو تعفيه صراحة من هذه المهمة التي تبدو اليوم مستحيلة التحقق.
في هذا السياق، فإن انقطاع الحوار والتواصل والتفاهم، ولو الجزئي، بين فريقي 8 و14 آذار، يعني عملياً استمرار فقدان التواصل والثقة والتفاهم بين البارزين فيه، أي حزب الله وتيار المستقبل. ومن دون التوصل الى تسوية ما، بين هذين الفريقين، يصعب الحديث عن استقرار سياسي وربما غير سياسي في لبنان. ولذلك، يمكن إعطاء مبادرة السيد نصرالله بعداً إضافياً يتجاوز التواصل بمعناه التقليدي، وهذا ما يشرحه الرئيس نبيه بري بقوله أمام زواره إنه ربما صار من المفيد البحث في عودة الرئيس سعد الحريري الى بيروت، وأن يجري البحث في مسألة تولّيه رئاسة حكومة وحدة وطنية تواجه الازمات القائمة في البلاد على أكثر من مستوى.
بالتأكيد يصعب توقع جواب مباشر وسريع من الحريري على اقتراح بهذا الحجم، لكن الفكرة تقول إن الدروس اللبنانية القاسية التي تعلمناها جميعاً خلال السنوات العشر الماضية، تفرض واحداً من خيارين: إما التعنت والاستمرار في المواجهة من دون مراجعة ولو صامتة، وإما المبادرة الى الخروج من الحلقة المفرغة باتجاه تسويات متتالية تفتح الباب أمام احتمال إعادة الأمور الى نصابها، خصوصاً أن جميع الاطراف المحلية تعرف تماماً أن التطورات الاقليمية صارت في موقع آخر، وقد تجاوزت القضية اللبنانية بأشواط كبيرة، وحتى استخدام لبنان ساحة لتصفية الحسابات لم يعد مثمراً بصورة كافية، بعدما تحولت الساحات الأخرى من سوريا الى مصر الى دول المغرب العربي الى اليمن والبحرين والعراق مسرحاً مفتوحاً على مدار الساعة.
اليوم، تفتح مبادرة السيد نصرالله الأبواب أمام مسؤولين بارزين في الدولة للعب أدوار توفيقية في اللحظة الحرجة. وبدا واضحاً من تعليقات العماد ميشال عون أن مبادرة الأمين العام لحزب الله هي أيضاً حصيلة الاجتماع الطويل بين الرجلين قبل أيام. وبالتالي، فإن من يقول إنه يقف في الوسط، مثل الرئيس سليمان أو النائب جنبلاط، ومن خلفهما عواصم إقليمية ودولية، يمكن أن يبادروا الى خطوات مع تحديد مسبق لسقف التوقعات. بمعنى أنه مجنون من يفترض تسوية تفرض على كل طرف خسارة ما لديه من مكاسب، بل هو يدعو الى مزيد من المواجهة. والتسوية الممكنة والواقعية تنطلق من الوقائع القائمة اليوم، المحلية منها والاقليمية والدولية. وإذا ما فكّر تيار المستقبل في الأمر جيداً، فسيجد أن مصلحته اليوم، ومصلحة من يمثّل، موجودة حصراً في مربع التسوية مع الطرف الآخر، وكل مكابرة، واستناداً الى تحليلات خنفشارية كما دلت التجارب السابقة، تعني انتقالهم من خسارة الى خسارة، وساعتها لن ينفع شيء، حتى لو قرر الرئيس السنيورة إطلاق لحيته وإمامة مسجد الأمين وسط بيروت، لأن التيار الآخر سيجرف كل شيء، وتبقى له المنصة من دون جمهور.

0 التعليقات:

إرسال تعليق