الأحد، 14 يوليو 2013

من ناشط عوني إلى نصر الله

من ناشط عوني إلى نصر الله

 إبراهيم الأمين - الأخبار
قلق الأوساط العونية ليس كمثله قلق. في حزب الله، لا إشارات تدل على خوف حقيقي من طلاق وشيك مع التيار الوطني الحر. لكن في التيار وقواعده خشية تكبر يوماً بعد يوم، من جفاء يقود الى قطيعة تبدو أكثر قساوة من الطلاق. والأسئلة المحيّرة عند هؤلاء لا تنحصر في محاولة معرفة الأسباب الحقيقية، بل في الموقع السياسي الجديد الذي يفترض أن يتخذه التيار متى قرر فك تحالفه مع حزب الله، علماً بأن هذا السؤال ليس موجوداً بهذه النسخة عند قواعد حزب الله، لكنه مطروح على شكل «حيرة» عند بعض جمهور المقاومة.
في حزب الله، لا وجود لـ«تقديرات علمية» تدعو الى توقع الأخبار السيئة، وهناك همس عن تباين قابل للعلاج، ما يوضح أن المناخ لا يسمح بمناقشة الموضوع بطريقة تشير الى كونه أزمة نوعية. لكن إشارات القلق والأسئلة تصدر عن الجانب الآخر. لا يكتفي العونيون بالتوضيحات الصادرة على لسان قادة الطرفين، بل هم يركزون، وهكذا تعوّدوا، على ما يقال همساً من قبل زوار الرابية. يسألون اليوم أكثر من أي وقت عن مزاج الجنرال إزاء العلاقة مع الحزب. ويتبادلون معلومات وخبريات وشائعات لا تخبرنا إلا أمراً واحداً: هل نحن أمام استحقاق جديد؟
قبل نحو ربع قرن، انحازت كتلة كبيرة من المسيحيين الى جانب العماد عون بصفته قائداً للجيش، وآخر من يمثل سلطة الدولة المنحلة أمام اجتياح الميليشيات. صحيح أن حربي التحرير والإلغاء لم تتيحا لهذا التيار تفحص حجم التعاطف معه من قبل المسلمين، لكن المناخ الذي ساد موظفي الدولة، وغالبية من ضباط القوى العسكرية والأمنية من غير المسيحيين، دل على أنه يحاكي رغبة قوية لدى هؤلاء في استعادة الدولة لزمام الأمور. على أن أمراض الحرب الأهلية اللبنانية سرعان ما أعادت الناس الى منابع أخرى. ومع القمع الذي تعرض له العونيون من قبل السوريين وسلطات تحالف الميليشيات ورأس المال والعسكر خلال 15 سنة، بدا أن عون يستقطب حصراً كتلة مسيحية كبيرة. لكن هذه الكتلة لم تكن في حالة فرز كما حصل بعد عودته الى لبنان. إذ بدت الكتلة موجودة ومنتشرة عندما حصلت الانتخابات عام 2005، وبدا عون محاصراً ومحارباً من قبل الآخرين. وبعد توقيع تفاهمه مع حزب الله، وانخراطه في اللعبة السياسية الداخلية، تركته كتلة يمكن القول إنها من «المدرسة المسيحية التقليدية» التي تنظر الى عون بوصفه الممثل الأقوى للمسيحيين. وفي حال عقد تحالفات تلزمه التصرف بواقعية، فهو لم يعد ممثلاً جدياً لها. ثم تركته كتلة ثانية من الذين تذرعوا بالأمر الواقع خلال فترة التسعينيات وانصرفوا الى بناء علاقات مع قوى الأمر الواقع، بحجة إمرار مصالحهم. وهي الكتلة التي ترتبط اليوم بعلاقات ومصالح داخلية مع فريق 14 آذار، وخارجية مع العواصم العربية والدولية الراعية لفريق 14 آذار. أما الكتلة الأبرز والأكبر، فهي التي بقيت معه، وهي التي يمثل الجنرال بالنسبة إليها عنواناً لتغيير لا يشمل طريقة إدارة الدولة فقط، بل طريقة العيش مع بقية المجموعات اللبنانية. وفي هذه الكتلة حساسيات متنوعة، بينها الكنسي، والريفي، وكذلك المديني والعلماني، وبينها أيضاً المتمسك بالقطاع العام والشراكة مع الآخرين في إدارته. لكن في هذه الكتلة أيضاً، هناك انتهازيون من الذين يوافقون الرجل على ما يقول.
بعد حصول التفاهم بين عون والسيد نصر الله، خرج كثيرون في لبنان وخارجه يقولون إن الرجل يسير عكس التاريخ، وإن الجمهور سيتركه لأنه يأخذه الى ما هو نقيض لثقافته وتاريخه. ولكن الأمر لم يكن على هذا النحو، ليس لقوة الجنرال وصدقيته العالية بين جمهوره فحسب، بل لكون غالبية الكتلة التي تفاعلت إيجاباً مع التفاهم، هي التي سبق لها أن لحقت بالجنرال متمردة على الواقع المرير الذي فرضته بالدم والنار مؤسسة الكتائب ومتفرعاتها من القوات اللبنانية سياسياً وعسكرياً وأخلاقياً على مدى عشرين سنة.
بين هؤلاء، شاب عوني لديه ما يريد أن يقوله الآن، وفي هذه اللحظة الى السيد نصر الله:
«عجّل يا سيد حسن بالاجتماع مع الجنرال، وبتّ الأمور العالقة، وانصفه ليس وفاءً لموقفه إبان حرب تموز، بل لكونه شريكاً صادقاً لا يغدر بمن يتحالف معه. نحن لا نحب أن نتركك، ولا نحب أن نذهب الى خصومك الذين هم خصومنا أولاً، علاقتنا مع حزبك وجمهورك أفضل لنا من العلاقة مع جمهور 14 آذار وتيار المستقبل وجماعة السعودية، وتفهّم حالنا، ونحن نتفهّم موقعك في لبنان وفي خارجه كمقاومة، ولا نعارض معظم ما تقوم به، بل نرى فيه فائدة لنا أيضاً، لكننا نريد أن نصبح حليفاً رئيساً وأساسياً لك، يعني، أن تحسب لنا حساباً كما تفعل مع نبيه بري، ولا بأس أن يكون الى جانبك نبيه بري وميشال عون، لا نبيه بري فقط، ونحن من حقنا بأن تخوض معاركنا بقوة كما نخوض معاركك بقوة. لم نخسر رئاسة الجمهورية بسرور، ولا نريد خسارة المؤسسة العسكرية وقيادتها بحجة الظروف الدقيقة، ولا نريد أن نخسر معارك تصحيح الوضع الداخلي لأجل منع الصدام مع هذا أو ذاك، نحن نريد حماية التفاهم وتطويره، وتعزيزه بمواد جديدة، ونريد أن يكون بينك وبين الجنرال خط مفتوح لا يحتاج الى وسيط أو موفد أو ناقل لرسائل، نحن على قلق هذه الأيام، ونرجوك أن تبادر إلى حماية ما بنيناه خلال سبع سنوات».

0 التعليقات:

إرسال تعليق